يا من يبني على موج البحر دارا!
تخيل معي أنك في رحلة طويلة في صحراء مقفرة شديدة الحر،
إذ لاحت لك شجرة وارفة الظلال..
فلجأت إلى ظلها لتستريح قليلا قبل معاودة المسير
دعني أسألك ... وأنت جالس في ظل هذه الشجرة مستمتعاً بظل وفير وراحة منشودة ..
في أي شئ ستفكر؟؟......... دعني أخمن إجابة منطقية... بالطبع سترجع بذاكرتك مستحضرا ما لاقيت من تعب...
وسيمضي بك خيالك هناك... حيث الوطن، حيث الدار والأهل ، حيث الراحة من ويلات السفر....
ودعني أجزم أن من يفكر وهو على هذه الحال أن يبني بيتا في ظل الشجرة أو يزرع زرعا أو يحفر بئرا..أو... أو.....
أكاد أجزم أن في عقله نقصان.......
والآن إليك الحقيقة إن الأسطر السابقة ليس عقلي من حاك كلماتها وليس قلمي من خط حروفها....
إنها نور من أنوار النبوة ساقها إلينا حبيبنا ليرسم لنا ويصور حالنا مع الدنيا وحال الدنيا معنا.....
اسمع ما قال حبيبنا:
(مالي وللدنيا، إنما مثلي ومثل الدنيا كمثل راكب قال ـ أي نام ـ في ظل شجرة، في يوم صائف، ثم راح وتركها)
وأجبني يا من أطلت الأمل، فأسأت العمل،
يا من أطلت الأمل فجعلت لسانك يردد بـ "سوف" وجعلت من التسويف شعارا..
هل أخذت على ملك الموت عهدا ألا يأتيك...
حتى تنهي دراستك
حتى ترتقي مكان مرموقا في عملك
حتى تتزوج
حتى تنجب
حتى تربي أبناءك
حتى تزوجهم
حتى ترى أحفادك
أم هل تضمن لي أن تحيا حتى تنهي قراءة موضوعي؟!!!!
انظر يا من جعلت الدنيا هي كل همك... يا من أعطيتها أكبر من حجمها::
(ما الدنيا في الآخرة إلا مثل ما يجعل أحدكم أصبعه في اليمّ، فلينظر بم يرجع)
وها هو الحسن البصري يزهد عمر بن عبد العزيز قائلا:
"أما بعد؛ فإن الدنيا دار ظعن وليست بدار إقامة، وإنما أنزل آدم من الجنة إليها عقوبة، فاحذرها، فإن الزاد منها تركها، والغنى فيها فقرها، لها في كل حين قتيل، تذل من اعزها ، وتفقر من جمعها..."